مرثية الاندلس
صفحة 1 من اصل 1
مرثية الاندلس
لِكُـلِّ شَـيءٍ إذا مـا تـمَّ نُقصَـانُ
فـلا يغـرُّ بطِيـب العَـيـشِ إنـسـانُ
هيَ الأمـورُ كمـا شاهدتُهـا دُولٌ
مـن سـره زمـنٌ سـاءتـهُ أزمــانُ
وَهَذِهِ الـدَّارُ لا تبقِـي علـى أحـدٍ
ولا يـدُومُ عَلَـى حَـالٍ لَـهَـا شــانُ
أين المُلُوكُ ذوي التُيجانِ مِن يمـنٍ
وأيــن منـهـم أكالـيـلٌ وتيـجـانُ
وأيـن مـا شـادهُ شـدادُ فـي إرمٍ
وأين ما ساسـهُ فـي الفُـرسِ ساسـانُ
وأين ما حازه قـارون مـن نهـبٍ
وأيــن عــادٌ وشــدادٌ وقحـطـانُ
أتى على الكل أمـرٍ لا مـرد لـهُ
حتى قضـوا فكـأن القـوم مـا كانُـوا
وصار ما كان من ملك و من ملـكٍ
كما حكى عن خيـال الطيـف وسنـانُ
كأنما الصعب لم يسهل لـه سبـبٌ
يومـاً ولا مـلـك الدنـيـا سليـمـانُ
فجائـع الدنيـا أنـواعٌ منـوعـةٌ
وللـزمـان مـســراتٌ وأحـــزانُ
وللحـوادث سـلـوانُ يسهلـهـا
ومـا لمـا حـل بـالإسـلام سـلـوانُ
وهى الجزيرة أمرٌ لا عـزاء لـهُ
هـوى لـه أحــدٌ وانـهـد شـهـلانُ
أصابها العينُ في الإسلام فارتزأتُ
حتـى خلـت منـه أقـطـارٌ وبـلـدانُ
فاسأل بلنسية مـا شـأن مرسيـة
وأيــن شاطـبـة أم أيــن جـيـانُ
وأيـن قرطبـةُ دار العلـوم فكـم
من عالـم قـد سمـا فيهـا لـه شـأنُ
وأين حمصُ وما تحويه من نـزهٍ
ونهرهـا الـعـذب فـيـاض ومــلآنُ
قواعد كـن أركـان البـلاد فمـا
عسـى البقـاء إذا لـم تبـق أركــانُ
تبكي الحنفيةُ البيضاءُ مـن أسـفٍ
كمـا بكـى لفـراقِ الإلــف هيـمـانُ
على ديارِ مـن الإسـلامِ خاليـةٌ
قـد أقفرت ولهـا بالكفـر عـمـرانُ
حيث المساجدُ صـارت كنائـس
مافيـهـنَّ إلاّ نواقـيـسٌ وصـلـبـانُ
حتى المحاريب تبكي وهي جامدةٌ
حتـى المنابـرُ تبكـي وهـي عـيـدانُ
ياغافلاً وله في الدهـرِ موعظـةٌ
إن كنـت فـي سنـةٍ فالدهـرُ يقظـانُ
وماشيـاً مرحـاً يلهيـه موطنـهُ
أبعـد حِمـصٍ تغـرُّ المـرءُ أوطــانُ
تلك المُصيبـةُ أنسـت ماتقدمهـا
ومالهـا مـن طـوالِ الدهـرِ نسـيـانُ
يا راكبين عتـاق الخيـل ضامـرة
كأنهـا فـي مجـال السبـقِ عقـبـانُ
وحاملين سيـوف الهنـد مرهفـةً
كأنهـا فـي ظــلام النـقـع نـيـرانُ
وَرَاتِعِين وراء البحر فـي دَعَـةٍ
لَـهُـم بأوطانـهـم عــزٌ وسلـطـانُ
أعندكم نبـأٌ مـن أهـلِ أندلُـسٍ
فقـد سـرى بحديـثِ القـومِ ركـبـانُ
كم يستغيثُ بنا المُستضعفُونَ وهـم
قتلـى وأسـرى فمـا يهتـزَّ إنـسـانُ
ماذا التقاطع في الإسـلام بينكُـمُ
وأَنـتُـمُ يَـاعـبـادَ اللهِ إِخـــوَانُ؟!
ألا نفـوس أبيـاتٌ لـهـا هِـمـمٌ
أَمَـا عَلـى الخيـرِ أَنصَـارٌ وَأَعـوَانُ
يَا مَـن لِذِلَّـهِ قـومٍ بعـدَ عِزِّهـمُ
أَحَــالَ حالَـهُـمُُ كُـفـرٌ وطُغـيـانُ
بالأَمسِ كَانُوا مُلُوكاً في مَنَازِلهـم
واليَومَ هُـم فـي بـلاَدِ الكُفـرِ عُبـدَانُ
فَلَو تَرَاهُم حَيَارى لا دَليـلَ لهَـمُ
عَلَيهـمُ مِـن ثِـيَـابِ الــذُّلِ أَلــوَانُ
وَلَو رَأَيـتَ بُكَاهُـم عِنـدَ بَيعِهُـمُ
لهَاَلَـكَ الأَمـرُ واستَهـوَتـك أَحَــزانُ
يـارب أم وطفـل حيـل بينهمـا
كَـمَــا تَـفَــرَّقُ أَروَاحٌ وَأَبـــدَانُ
وطفلةٍ مِثلِ حُسنِ الشّمسِ إِذا طَلَعَت
كَأَنـمَّـا هِــيَ يَـاقُـوتٌ وَمَـرجَـانُ
يَقُودُهَا العِلـجُ لِلمَكـرُوهِ مُكرَهَـةً
وَالعَيـنُ باَكِـيَـهٌ والقَـلـبُ حَـيـراَنُ
لمثلِ هذا يذوبُ القلبُ مـن كمـدٍ
إِن كـان فـي القلـبِ إسـلامٌ وإيمـانُ
مؤيد البدري- البلد : العراق
الجنس : عدد المساهمات : 37
عدد النقاط : 5520
تاريخ التسجيل : 17/01/2010
العمر : 46
الموقع : http://aldiwanyah.ahlamontada.com
المزاج : فلة
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى